حق النفس :الصبر واليقين
|
النص الأول : قال ربنا سبحانه :﴿ وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ
كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ
وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ 18﴾ سورة
يوسف الآية 18
المضمون العام :صبر نبي الله يعقوب عليه السلام
على ضياع ابنه يوسف.
النص الثاني
: عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ
أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ النَّاسَ لَمْ يُعْطَوْا فِي
الدُّنْيَا خَيْرًا مِنْ الْيَقِينِ وَالْمُعَافَاةِ فَسَلُوهُمَا اللَّهَ عَزَّ
وَجَلّ"
المضمون العام
:خير ما يرزق العبد في الدنيا اليقين بالله تعالى والعفو.
النص الثالث :قال رسولُ اللهِ ﷺ: " عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ، إِنَّ
أمْرَه كُلَّهُ خَيرٌ، وليسَ ذاكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمِنِ، إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ، وإنْ أصَابتهُ
ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ. "
المضمون العام :من
صفات المؤمن التي تعجب منها الرسول صلى الله عليه وسلم الصبر على المصائب والشكر
على النعم .
التحليل والمناقشة :
المحور الأول
الصبر واليقين ،المفهوم والتجليات .
1- الصبر
أ - مفهوم الصبر :لغة نقِيض الجَزَع، و،
أَصل الصَّبْر الحَبْس وهو التحمل واصطلاحا
: خلق عظيم يصدر عن قدرة العبد على تحمُّل الشدائد و الابتلاءات في ثبات و يقين، و
هدوء و اطمئنان، دون شكوى أو جَزَع .
ب- أنواع
الصبرذكر العلماء أن الصبر ثلاثة أنواع وهي
1- الصبر على طاعة الله تعالى: وخاصة العبادات في وقتها وبالكيفية الصحيحة لأنه يشق أداؤها إما لكسل مثل
الصلاة في وقتها أو للبخل مثل الزكاة .
2- الصبر عن معصية الله تعالى:وهو من أفضل أنواع الصبر خاصة إذا تيسرت أسباب المعصية مثل ما وقع ليوسف
عليه السلام مع امرأة العزيز ،وكل صبر على النواهي والمحرمات كانت قلبية
"الحقد ،الحسد" أو قولية "الكذب الغيبة ،شهادة الزور"أو فعلية
...يدخل ضمن هذا الباب.
3- الصبر على الابتلاءات و المحن:وهو الصبر على قضاء الله وقدره وهو مما لا كسب فيه للإنسان كالصبر على
الوفاة أو المرض....وهذا النوع مثاله ما وقع ليوسف مع إخوته لما ألقوه في الجب .
ج-
الصبر وفاء بالأمانة
والمسؤولية: "بالصبر واليقين تُنال الإمامة في الدين".
الأمانة والمسؤولية من الأعمال الجسام التي يقدر عليها إلا من نال حظه من الصبر ومحاصرة شهواته وكبت جشعه وطمعه ولزم
الحلال والقناعة وابتعد عن الحرام والغش و تضيع الأمانات ،فبقد الصبر تحفظ الأمانة وبقدر الوفاء يكون الإيمان واليقين يقول
تعالى " وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ"سورة السجدة الآية 24.
2- اليقين :
أ- مفهوم اليقين:لغة : من يَقِنَ، ثبت و تحقق. وهو
نقيض الشك و اصطلاحا : العلم الثابت الرَّاسخ في القلب بالله تعالى و النَّظرُ إلى
الله في كلِّ شيء، والرُّجوع إليه في كلِّ أمر، والاستعانة به في كلِّ حال
ب- علامة اليقين
الثقة في الله تعالى والتوكل عليه وتعلق القلب به دون غيره من الخلق
الرضا بحكم الله وقدره والصبر على المحن والشدائد .
ترك المعاصي والمغريات وكل ما نهى عن الشرع الحكيم .
التفاؤل والرجاء في عونه وسنده والثقة
في حكمه، " أنا عند ظن
عبدي بي ".حديث قدسي
الاعتقاد الجازم بجزاء الله ونصره وتمكينه .
محبة الله ومحبة الناس.
المحور الثاني :الصبر واليقين آية علاقة .
1- العلاقة بين الصبر
واليقين
إذا كان الصبر يكون في الطاعات والمعاصي والمحن فهذا هو لب الإيمان وجوهره ،والإيمان لا يكون إلا عن
يقين جازم وعليه ف:
الصبر ثمرة من ثمار اليقين بالله تعالى .
الصبر تجلي عملي من تجليات اليقين والثقة في صدق الرسالة
والنبوة.
الصبر و اليقين ركيزتين من ركائز صدق وثبات الإيمان.
"بالصبر واليقين تُنال الإمامة في الدين"
2- الصبر واليقين من
أعظم حقوق النفس على صاحبها.
التحلي بالصبر واليقين بالله تعالى أساس كل خير وفلاح لذلك كان الصبر
واليقين من حقوق النفس على صاحبها لأن :
الصبر مفتاح الفرج وسبيل النجاح في الدارين "الدنيا والآخرة"
نيل حب الله ورضاه ومحبة الناس رسول الله ﷺ : " إن الله إذا أَحَبَّ
قوما ابتلاهم، فمن صَبَرَ فله الصبر، و من جَزَع فله الجَزَع ".
نيل مرتبة المؤمنين وأهل الله وخاصته يقول تعالى وَالْعَصْرِ، إِنَّ
الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ." سورة العصر.
ا
|
امتدادات سلوكية
:
-
معرفة
أهمية الصبر واليقين في تحيق النجاح والفلاح في الدارين تستدعي من كل عاقل التمثل
بهما والسعي إليهما ومن وسائل التحلي بالصبر واليقين .
-
مطالعة
قصص الأنبياء سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم في تحملهم
وصبرهم وثقتهم بالله .
-
مصاحبة
أهل الخير والصلاح ومن يعينك على الصبر والتحمل.
-
التوكل
على الله و الاعتقاد الجازم بأن التوكل على الله هو السبيل الوحيد لنيل الجزاء .
تشبيه رائع وبيان لمكانة الصبر واليقين في الدين
وقال زهير بن نعيم: (إنَّ هذا الأمر لا يتمُّ إلا
بشيئين: الصبر واليقين، فإن كان يقين ولم يكن معه صبر لم يتمَّ، وإن كان صبر ولم
يكن معه يقين لم يتمَّ، وقد ضرب لهما أبو الدرداء مثلًا فقال: مثل اليقين والصبر
مثل فَدادين يحفران الأرض، فإذا جلس واحد جلس الآخر"صفة الصفوة ابن الجوزية"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق